لماذا بعض التلاميذ يكرهون المدرسة؟
هذا
الكتاب يتعرض لمشكلة قديمة/ جديدة طالما شكلت هاجسًا كبيرًا لأولياء
الأمور، والمعلمين. وهي مشكلة تتصل بفوبيا المدرسة، وما تعكسه هذه الحال من
إحساس الكراهية لدى العديد من التلاميذ.
في
الفصل الأول من الكتاب تطرح المؤلفة هذه المشكلة من زواية التلاميذ ذوي
الاحتياجات الخاصة، فيما تتعرض إليها في الفصول اللاحقة باعتبارها مشكلة
للتلاميذ العاديين.
بداية
تؤكد المؤلفة على أنه ليس هناك إجابة واحدة لسؤال (لماذا يكره الأطفال
الذهاب إلى المدرسة) فإذ تبدو الظاهرة واحدة، إلا أن هناك أسبابا خفية ولا
متناهية وراء تلك الظاهرة. والبحث عن هذه الأسباب وما يتصل بها من غموض لدى
فئات متعددة من التلاميذ هي موضوع هذا الكتاب.
اقترحت
المؤلفة هذا العنوان ذا الجملة الخبرية لتلفت أولياء الأمور إلى ردود
الفعل التي يمكن أن تكون مختلفة حيال المشكلات التي تطرأ لأبنائهم، ومن
زوايا متعددة جدًا.
ذلك
أنه (يوجد العديد من المشكلات التي تواجه الطفل في أية مرحلة من مراحل
العمر المختلفة، في حين يوجد نوع آخر من المشكلات التي تظهر فجأة وبلا سابق
إنذار، خاصة في مرحلة التعليم الثانوي).
وتستعين
المؤلفة بمقولات بعض آراء الخبراء في هذا الصدد مثل (باتريشا بريدي) التي
تنقل عنها قولها (قديواجه بعض الأطفال صعوبة في التعلم قد لاتظهر في
البداية، ولكن كلما تقدم بهم العمر اتسعت الفجوة بينهم وبين أقرانهم،
فيحرزون تقدمًا بطيئًا مقارنة بتفوق بعض الطلاب الآخرين. ويبدأ هذا الأمر
غالبًا عند سن السادسة، ولكنه قد يظهر أيضًا في مراحل أخرى متقدمة مهمة).
تذهب
المؤلفة إلى أن هناك بعض الأمراض (كالاضطراب في النمو والسلوك الذي يطلق
عليه «متلازمة اسبيرجر» وعسر القراءة، والتوحد) تعتبر هي الأساس في نشوء
مشكلة فوبيا المدرسة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تحديدًا.
بيد
أنه هناك مشكلات عضوية قد لاينتبه لها الآباء فيؤدي تفاقمها إلى ظهور
مشكلة كراهية المدرسة. ومن هذه المشكلات العضوية: ضعف السمع، أوضعف البصر.
وبطبيعة
الحال تعتبر هذه المشكلات العضوية مشكلات من الممكن علاجها بطريقة
طبيعية،لكن إهمالها سيعكس ردودأفعال في محيط التلاميذ تؤثر في الطالب الذي
يعاني منها فتتحول مع مرورالزمن إلى مشكلة نفسية معقدة تندرج في مشاعر
الكراهية وتتفاقم.
تقوم
منهجية الخطاب لدى المؤلفة في فصول كتابها على توجيه مستمرلأولياء الأمور،
مع تسجيل (دراسة حالات) كشهادات موثقة لقصص نجاح لعبت فيها الحلول التي
قدمتها المدارس مع جهودأولياء الأمور والمختصين التربويين والاجتماعيين،
دورًا كبيرًا في تأكيد المنهجية النظرية والواقعية المطروحة في فصول هذا
الكتاب حيال مشكلة فوبيا المدرسة.
وفيما يخص التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن يعانون من هذه المشكلة، تطرح المؤلفة ثلاث خطط ذي ثلاث مراحل وهي:
1- المساعدة المدرسية
في
هذه المرحلة يقوم ولي الأمر بالتعاون مع المدرسة بالاتفاق على أن الطفل في
أمس الحاجة إلى مساعدات تعليمية إضافية خاصة، مع ضرورة المراقبة والمتابعة
المستمرةلمدى التقدم الذي يحققه. وفي حالةعدم تحقيق الطفل أية نتائج
إيجابية، يتم الانتقال إلى الخطة الثانية أو المرحلة الثانية وهي.
2- المساعدة المدرسية الإضافية
في
هذه المرحلة يقوم مدرس لفصل أو منسق الشئون التعليمية لذوي لاحتياجات
الخاصة بالمدرسة بالتحدث مع ولي الأمر من أجل الاستعانة بأحد الاخصائيين من
خارج المدرسة، مثل أحدعلماء النفس التربويين، أو أحد أخصائيي التخاطب، أو
على الأقل، مدرس متخصص في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما الخطة الثالثة فتتمثل في:
3- شهادة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة
وهي
فيما إذا كان الطفل في هذه المرحلة مازال في حاجة إلى مساعدة إضافية، فيجب
على ولي الأمر أن يسعى إلى الحصول على شهادة رسمية تفيد بأنه من ذوي
الاحتياجات التعليمية الخاصة.
مشكلة عسر القراءة
من
أهم الحالات التي تفضي إلى كراهية المدرسة: مشكلة عسر القراءة. وهي مشكلة
تكمن في عدم القدرة على النطق الصحيح لمختلف الكلمات والعبارات والجمل. وهي
حالة لها علامات مصاحبة في نفوس التلاميذ الذين يعانون منها.
من هذه الحالات المصاحبة لعسرالقراءة:رفض الاندماج في المحيط الخارجي، وبالتالي عدم تفضيل الذهاب إلى المدرسة.
ولقد قامت الجمعية البريطانية برصد سمات عامة أخرى مصاحبة لمشكلة عسر القراءة لدى الأطفال وتتمثل في التالي:
· عدم الشعوربالاستقرار.
· التقلب بين مزاج سعيد ومكتئب دون سبب ظاهر.
· عدم التمييزبين الاتجاهات (مثل فوق وتحت، وداخل الشيء وخارجه).
· إطلاق كلمات بمعان نقيضة لها.
·
بالإضافة إلى عدم قدرتهم على ترتيب المسلسلات والمتتابعات (كعجزهم عن
ترتيب حبيبات الخرز الملونة المكونة لسلسة أو سبحة ترتيبًا صحيحًا).
· عدم قدرتهم على تذكرأيام الأسبوع أو الأرقام الحسابية.
وفي
هذا الصدد تنصح المؤلفة ولي الأمر بالاهتمام الإيجابي. ذلك أنه ليست هناك
مشكلات لا حلول لها في مرحلة الطفولة تحديدًا، وإنما يكمن الخطأ في العجز
عن تشخيص الحالة. فمن طبيعة الطفل أنه يحتاج إلى من يكتشف ما لديه من مواهب
وقدرات متفردة، وهذه عملية تربوية تحتاج إلى تضافر جهود أولياء الأمورمع
المعلمين والمختصين.
فثمة إبداع وقدرات لدى كل الأطفال حتى أولئك الذين يندرجون في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن أجل أن يقوم المدرس باكتشاف قدرات الطفل ومواهبه المتفردة لابد من الخطوات التالية:
· إعادة شرح ما لم يستطع الطفل استيعابه.
· تقسيم المهمة الواحدة إلى وحدات أصغر يتم توزيعها على الطلاب لتخفيف الضغط وضمان تنفيذ المهمة على أكمل وجه.
· التأكد من استيعاب الطفل وفهمه كل مايتم إبلاغه به.
· إعادة إلقاء المعلومات بطريقة أخرى مختلفة عن سابقتها.
· السماح بوقت إضافي لإنجاز المهام المدرسية المطلوبة.
· إعلام الآباء بأفضل المناهج والطرق التعليمية التي تساعد الطفل على التحصيل.
· الحرص على مدح الطفل أمام زملائه، وتهنئته على مايتمه من إنجازات لتعزيز ثقته بنفسه.
تلفت
المؤلفة أولياء الأمور إلى ممارسة فحص وتأمل المدرسة التي ينبغي أن يدرس
فيها أطفالهم، فلا يكفي فقط مظهر المدرسة وشكلها للخروج بانطباع حقيقي
عنها، بل لابد من ملاحظة طبيعة تعامل المدرسين مع التلاميذ، ورصد التأثير
الإيجابي للمدرسة على تحصيل الطفل وتنمية قدراته.
وبهذا
المعنى فإن المشكلات التي عاني منها الأطفال قدلاتجد لها اهتماما في
المدرسة لأسباب قد تكون غامضة، وعبر ملاحظة ولي الأمر لطبيعة الدراسة في
مدرسة ابنه يستطيع أن يساهم في الحد من تفاقم المشكلات التي تنجم عن كراهية
المدرسة.
وتقدم
المؤلفة جملة من الخطوات التي يتعين على ولي الأمر القيام بها قبل تسجيل
ابنه في المدرسة.وهذه الخطوات تأتي على شكل استفسارات لابد أن يجد لها ولي
الأمر إجابات صحيحة. فعليه مثلا أن يستفسرعن:
· المظهر العام الخاص بالزي المدرسي للطلاب والنظام المتبع لتوحيده.
· مراعاة تقديم وجبات غذائية صحية.
· الدعم الذي يتم تقديمه إلى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
· السياسات المتبعة لمحاربة السلوكيات السيئة ضد الطلاب (كالاضطهاد وسوء المعاملة والعنف).
· الأنشطة التي تتم ممارستها أثناء اليوم الدراسي.
· النظام المتبع في تنظيم الفصول سواء أشمل تقسيم الفصول إلى فصول المتفوقين وأصحاب المهارات الخاصة، أم أن الفصول تعم الجميع.
وفي
موازاة الأسباب المختلفة المفضية إلى ظاهرة كراهية المدرسة بالنسبة إلى
الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ثمة أسباب أخرى تفضي إلى نفس الظاهرة لدى
الأطفال العاديين مثل: تأخر الالتحاق بالمدرسة، والانتقال المستمر من منزل
إلى آخر، والطلاق بين الوالدين، ومرض أو موت أحد الوالدين، والاضطهاد الذي
يقع على بعض الطلاب، وكذلك التمييز، بالإضافة إلى التغيرات التي تطرأ في
مراحل النمو المختلفة.
ثمة
بدائل كثيرة يطرحها الكتاب تندرج في مفهوم فلسفة التعلم المستمر أمام
العوائق التي تقف دون حصول الطفل عليه. فلايكفي هنا أن تكون مشكلة كراهية
المدرسة مانعة للطفل من حصوله على التعليم الذي يستحقه في هذه المرحلة
الحساسة من عمره.
وضمن
هذه البدائل تطرح المؤلفة العديد من الخيارت، منها: تغيير المدرسة والتحول
إلى مدرسة أخرى، أو التحول إلى مدرسة ذات نظام تعليمي مختلف، حيث جاء في
إحدى الشهادات لدراسة حالة من هذه الحالات: أن انتقال أحد الأطفال إلى نظام
مدرسة (فالدروف) أدى إلى تغييرات إيجابية كبيرة في قدرته على اكتساب
مهارات تعليمية جيدة بفضل نظام (والدروف ستينر) الذي يختلف عن نظام المدراس
التعليمية الرسمية.كذلك هناك خيار التعليم المنزلي والخاص الذي يمكن أن
يكون حلا لمشكلة (فوبيا المدرسة). بالإضافة إلى نظام التعلم عن بعد عبر
البريد الإلكتروني والإنترنت.
في
الكتاب تفاصيل كثيرة وإرشادات مكثفة عن رصد مشكلات التعلم الناشئة عن حالة
(كراهية المدرسة) ومايتصل بها من حلول حاولنا أن نلخصها في هذا العرض
المختصر. وحتى نهاية الكتاب لا تكف المؤلفة عن توجيه إرشاداتها لولي الأمر
باعتباره الشخصية المركزية في حل مشكلات (فوبيا المدرسة).
تقول
المؤلفة موجهة خطابها لولي الأمر(إذا واجهت طفلك مشكلة في المدرسة اطرح
هذا السؤال على نفسك: «من يمكنه المساعدة؟» وتحدث مع المدرس والطبيب الخاص،
أومع شخص ما في الإدارة التعليمية؛ ستكتشف وجود كثيرمن الأفراد الذين
يمكنهم مساعدتك بوسائل لا تعلم عنها شيئا. ستؤثر أية استعانة بأحد الأفراد
للحصول على مساعدة، أو حتى الاستعانة بمجموعة من الأطفال الذين واجهوا مثل
هذه المشكلات في طفلك تأثيرًا كبيرًا.... يمكن أن تبدو الحياة في المدرسة
كالمعركة. وعلى الرغم من ذلك فإنه يمكن إيجاد الوسائل التي تساعد في
مواجهتها)
الكتاب: ابني يكره المدرسة
المؤلفة: أنتونيا شيتي
الناشر: دار الفاروق. القاهرة 2010
ترجمة: قسم الترجمة بدار الفاروق
عرض / محمد جميل
مواضيع ومقالات مشابهة