أهلا بك زائرنا العزيز في بوابة ثانوية محمد عابد الجابري الإعدادية بتطوان - المملكة المغربية -
.

أنشطة

الإدارة

رياضة

الأساتذة

برنامج مسار

المكتبة

الوضع الثقافي بمدينة تطوان


تشخيص للحالة الثقافية بمدينة تطوان
عرفت مدينة تطوان تاريخيا بكونها عاصمة ثقافية بشمال المغرب، برجالاتها وعلمائها وفقهائها الذين كتبوا وألفوا في العديد من المجالات  الفقهية والعلمية والتراثية والتاريخية. وتوجت هذه الأعمال بكتابة تاريخها والتعريف بأمجادها ورجالاتها على يد محمد سكيرج وأحمد الرهوني ومحمد داود. وبهذا تكون من المدن القلائل التي كتب تاريخها بشكل علمي ومنهجي ومفصل.
والآن يمكن اعتبار تطوان مدينة نموذجية من حيث غزارة الفعل الثقافي بها ومن حيث جودة الأعمال المقدمة ومن حيث الكم والكيف لجمهور المتتبعين وتنوعه . وهذا بشهادة مثقفي المدن المغربية الأخرى والأجانب الذين يشاركون في التظاهرات الوطنية والدولية التي تنظم بمدينة تطوان. وذلك - حسب رأيهم - سواء بالنسبة للجمهور الذي يتتبع الأنشطة الثقافية أو الفنية كالموسيقى بأنواعها العصرية والأصيلة  والمهرجانات المسرحية والسينمائية.
فلا يخل يوم لا تعرف فيه المدينة معرضا للفنون التشكيلية أو ندوة  أو محاضرة  أو عرض مسرحية  أو تنشيط مهرجان ثقافي .
الفاعلين المتدخلين:
كل هذه الأعمال تتم من طرف خمس جهات أساسية :
  • مديرية الثقافة بجهة طنجة تطوان ومندوبية الثقافة بتطوان بمصالحها المختلفة؛
  • الجماعة الحضارية لمدينة تطوان؛
  • المجتمع المدني بأطيافه الغنية والمتنوعة؛
  • جامعة عبد المالك السعدي وكلية أصول الدين.
  • والبعثتين الثقافيتين الأجنبيتين : الإسبانية والفرنسية.
وإذا كانت الجامعة لها دور علمي إشعاعي مهم، إلا أن نشاطها الثقافي يبقى بشكل عام حبيس مؤسساتها الجامعية وقلما تنفتح على محيطها. بينما للبعثتين الأجنبيتين الثقافيتين حضور بارز في المشهد الثقافي التطواني. ويتميز بجودة التنظيم والرؤية الواضحة للسياسة الثقافية التي ينهجانها، كل بطريقته، وبانفتاحهما على باقي الفعاليات الثقافية  المحلية. وربما تعود الخاصيات المذكورة للفعل الثقافي للبعثتين للإمكانيات المتوفرة لديها وخصوصا، وحدة الرؤية والتحكم في الأنشطة الثقافية المقدمة. وبالتالي، نلاحظ برامج فصلية محددة مسبقا ومفصلة من حيث المتدخلين ومكان وساعة النشاط، مع لمحة عن الحدث. كل هذا ينشر في مطبوعات أنيقة ويتم التذكير به لاحقا عن طريق الاتصال الرقمي في إبان النشاط برسائل خاصة للفاعلين والمثقفين.
بالموازاة، تقوم مندوبية الثقافة بتطوان بإحياء مهرجان العود وعيد الكتاب كموعدين قارين كل سنة. وهما كما هو معلوم حدثين متميزين في الحقل الثقافي للمدينة. علاوة على دعمهما الرمزي أو المعنوي لبعض التظاهرات الثقافية.
وهنا لا بد من التنويه بالأسبوع الثقافي الباذخ الذي واكب معرض الكتاب في عيده لهذه السنة،  والذي تمت لقاءاته بدار الصنائع بشراكة بين مندوبية الثقافة وفرع إتحاد كتاب المغرب. في حين ، لم يرق معرض الكتاب من حيث التنوع والجودة والغنى إلي المستوى الذي يتطلع المثقفون. ومرد ذلك ربما للبعد التجاري للمعرض ولطبيعة دور النشر والمكتبات المشاركة. فهي لا تتعدى حدود مؤسسات محلية بإمكاناتها المحدودة.
فيما يتعلق بالجماعة الحضرية لتطوان، يمكن التذكير بنشاطاتها الثقافية كطرف منظم خصوصا خلال شهر رمضان من السنة الأولى لتحمل المجلس الحالي للمسؤولية بالمدينة.
بينما يتجلى تدخل الجماعة في المجال الثقافي أساسا في الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه للتظاهرات الثقافية. وهذا الموضوع يتطلب نقاشا قد نعود إليه. كما أن الجماعة الحضرية أقدمت، كاستجابة لطلب المجتمع المدني وجمعية تطاون أسمير خاصة، على بناء مكتبات الأحياء. وذلك جاء خلال صياغة المشروع التنموي لسنة 2011- 2016 . وهذا يحسب لها، كما يحسب لها ما قامت به من استشارات مع الفاعلين الجمعويين آنذاك وفي محطات مختلفة.
وأخيرا، لا بد من الإشارة للعمل الدؤوب للمجتمع المدني في تنشيط الحركة الثقافية على جميع الأصعدة الإبداعية سواء في مجال الكتابة بفنونها المتنوعة (فكر، قصة ، رواية ، مسرح، تحقيق، نظم،..)  تنظيم اللقاءات والمحاضرات والقراءات إلخ..  وكذلك في مجالات التشكيل والموسيقى والمسرح والإعلام المكتوب على الورق  الالكتروني.. علاوة على كون مدينة تطوان تعرف مهرجانات وطنية ودولية في مجال الموسيقى بأنواعها والمسرح (أساسا: فضاء تطاون للمسرح المتوسطي المتعدد ومهرجان مسرح الطفل) شرائط الرسوم والسينما واسبوع الأبواب السبعة الثقافي. إلا أن هذه المحطات وإن كان منظموها يريدون لها مواعيد سنوية قارة إلا أنها تشكوا عموما من عدم استقرارية الدعم لها، ويالتالي، إحيائها بشكل دوري، مما يحد من إشعاعها والتزام وتجاوب الأطراف المتعاونة الخارجية بمواعيدها.
وهذا يقودنا إلى الحديث عن الإمكانات .
الدعم المخصص للأنشطة الثقافية:
مدينة تطوان حقل زاخر بالعطاءات وخلية نحل دؤوبة وعمل تطوعي نضالي لا يفتر. لكن، له إكراهات ومعوقات تتلخص في الدعم المادي أساسا. ولا أقصد غياب الدعم المادي حتى لا أكون عدميا، بل أعني عدم التوافق القائم بين عطاء الفاعلين والكفاءات الثقافية والمواعيد السنوية القارة من مهرجانات ولقاءات من جهة، وما يخصص لهذه الأنشطة من اعتمادات مالية من جهة ثانية. فالدعم المادي المخصص للعمل الثقافي الجاد بالمدينة، بغض النظر عن الجهة الداعمة ، بصراحة لا يرقى لطموحات المجتمع المدني. وهو وضع لا نلوم عليه، من حيث الميزانيات الضئيلة المخصصة للثقافة، لا الجماعة الحضرية ولا المديرية الجهوية للثقافة بقدر ما هو مرتبط بالسياسة المتبعة من طرف الحكومة عموما في مجال الثقافة. وكما يعلم الجميع، أفقر الوزارات بالحكومة من حيث الميزانيات التي تخصص لها هي وزارة الثقافة ووزارة الشبيبة والرياضة. وكان الثقافة بذخ وتدخل في خانة الكماليات في حياة المواطن.
 بينما الدعم المعنوي والرمزي فهو متوفر دائما سواء على مستوى المديرية الجهوية للثقافة  أو الجماعة الحضرية لمدينة تطوان، ويتجلى في التجاوب بين المجتمع المدني والجهات المسئولة. فهذه الأخيرة حاضرة عادة بإسهامات مادية رمزية ، وتفتح قاعاتها لعموم الجمعيات لإحياء أنشطتها. ومما يحسب للمجلس الجماعي الحالي فتح قاعة الاجتماعات بمقر البلدية القديم للجمعيات.
هذه صورة شمولية وعامة عن الإكراهات المرتبطة للدعم المادي سواء بالنسبة للفاعلين في المجال الثقافي أو  المتدخلين الرسميين من أجل النهوض بالثقافة في المدينة.
أقتراحات:
وللنهوض بالفعل الثقافي بالمدينة وبالإضافة  للمجهودات الجارية حاليا حبذا لو روعيت بعض الحيثيات التنظيمية والعملية والاستراتيجية.
  • فمن حيث التنظيم، لا بد من إيجاد تصور استراتيجي للنهوض بالفعل الثقافي بمدينة تطوان، وإشراك الفاعل في المجال الثقافي وربما النسيج الجمعوي بصفة عامة في القضايا المرتبطة بهذا المجال، سواء في تصور السياسة الثقافية للمدينة  أو وضع برامج سنوية لبعض المواعيد السنوية القارة والتنسيق في ما بين الفاعلين وبين الفعاليات.
  • إشراك الفاعلين كملاحظين وكقوة استشارية واقتراحية في لجن تخصيص الدعم للتظاهرات الثقافية. وهذا سيكون متماشيا مع روح الدستور الجديد وما خصصه للمجتمع المدني مندور كشريك وكقوة اقتراحية وكمراقب ومتتبع لتدبير الشأن المحلي.
  • تغيير طريقة تمويل الأنشطة الكبرى والمرتبطة بمواعيد قارة كالمهرجانات. بحيث يمكن أن يقدم العمل للجهات الفاعلة بناء على مشاريع مكتوبة هادفة ومتكاملة تعرض على انظار الجهات المسؤولة في بداية كل "موسم ثقافي"، على أن تقسم السنة الإدارية لموسمين ثقافين (6 اشهر لكل موسم). وهذا التقسيم سيحد من حالات التعجيز بالنسبة للجمعيات. بعد هذا تحدد مسبقا ميزانية للمشروع وينطلق العمل فيه على أساس صلب لا تراجع عنه فيما بعد ولا تأجيل في الاداء للسنة المالية الموالية تحت أية ذريعة. لأن هذا السلوك غالبا ما يحد من مصداقية التظاهرات القارة وإشعاعها خارجيا ووطنيا ، كما أنه فيه إحراج كبير للمنظمين في حالة تأخر اداء التكاليف وتراكم الديون عليهم.
  • أما في ما يتعلق بالأنشطة الظرفية والعابرة والتي تأتي عادة كردود فعل تفاعلية لتطور مجريات الأحداث الوطنية والمحلية ، فلا بد من تخفيف المساطير ووضع سقف لها يمكنها من الاستمرار والتطور.
من مجموع هذه الاشكالات والإكراهات يتضح حقيقة أن الفعل الجمعوي عموما والثقافي بالخصوص هو عمل نضالي بالدرجة الأولى باعتباره مرهق وفيه كثير من المعاناة ويتم بتطوعية تامة. وكم من فاعل جمعوي يأبى أن يقترض مالا من قريب لحل ضائقة ألمت به ، لكنه يلهث في توفير الدعم لنشاط ثقافي أو جمعوي، مع كل سلبيات طرق الأبواب. طبعا ، هذا في غياب رؤية واضحة في العلاقة التي تربط هذا بذاك. 
  • أما على صعيد المدينة، فهناك جهود مشكورة تبذل للحفاظ على الموروث العمراني للمدينة. لكن بالموازاة، هناك إهمال للموروث الشعبي والشفاهي للمجتمع التطواني. وذاك لن يتأتى إلا ب:
-       الاسهام في طبع الموروث الثقافي لأعلام تطوان. فلحد الأن، الجهة الوحيدة التي تعتني بهذا المجال هي جمعية تطاون أسمير التي أصدرت خلال خمس عشر سنة منذ تأسيسها حوالي مائة وخمسين عنوانا، أغلبها على مدينة تطوان وأعلامها وذخيرة أعمالهم.
-       تشجيع البحث العلمي في الموروث الثقافي الشفوي للمدينة والناحية . فجميل أن نصون الأسوار. لكن ماذا نفعل لصيانة الموروث الشفاهي والحرفي وأنماط عيش الساكنة والتقاليد التي هي في طريق الزوال ، وأمور من هذا القبيل كالاصطلاحات اللغوية المستعملة في الحرف المختلفة وأسماء الأدوات الحرفية والأثاث المنزلي وغيرها من الأمور. وبالمناسبة أريد أن أحيي طفرة الزجل والزجالين بالمدينة والتي تسجل للتاريخ أنماط عيش الأهالي ووصف دقيق للعادات والتقاليد. إلا أنها لا تقوم مقام البحث العلمي المنهجي.
  • خلق أسبوع ثقافي للمدينة تحت اشراف الجماعة الحضرية وبتعاون مع مندوبية الثقافة ومندوبية السياحة ومندوبية الصناعة التقليدية أساسا، تساهم فيه كل الفعاليات الثقافية والجمعوية للمدينة.
وهذا ليس معناه الدعوة إلى تدجين الجمعيات، بل إغناء الفعل الثقافي للمدينة. مع الاحتفاظ للجمعيات بحق قيامها ببرامجها المعتادة. لأن الثقافة دعامة تنموية سياحية واقتصادية. وهذا اقتراح سبق لنا عرضه على الجماعة الحضرية إلا أنه لم يحن وقت تنفيذه  أو الاقتناع به بعد.
  • الاهتمام بترميم المسرح الوطني كمطلب ملح للمجتمع المدني بالمدينة منذ سنوات.
  •  العمل على بناء قصر للمؤتمرات بتطوان لاستضافة ندوات ومناظرات وطنية ودولية. وآمل أن لا تتحقق هذه الرغبة بمدينة مجاورة على حساب تطوان كما علمتنا التجارب السابقة.
كلمة أخيرة:
لا بد من اعتبار الثقافة رافعة تنموية سياحية واقتصادية وبشرية. وإذا استوعبنا هذه الفكرة ، سيكون من السهل على صانعي السياسات الثقافية وطنيا وجهويا ومحليا اعتبار الثقافة ضرورة ملحة في حياة المواطنين وليس ترفا أو بذخا.

مواضيع ومقالات مشابهة

/* قال تعالى : مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد . صدق الله العظيم/
 المدير العام للموقع  ذ : أحمد الطاهري