التواصل بين الأسرة والمدرسة وأثره على التحصيل الدراسي للتلميذ
ذ.مصطفى نــبــوي
لا يمكن الحديث اليوم عن الإصلاح التربوي في المغرب أو القيام بتحليل موضوعي لمجرياته الراهنة والاستشراقية دونما التأكيد عن عمق الروابط الطبيعية بين الأسرة والمدرسة كمؤسستين اجتماعيتين تضطلعان بمهام التنشئة الاجتماعية.
ومن أجل هذا ونظرا لأهمية الموضوع أردنا من خلال هذا البحث المبسط تسليط الضوء على جانب هام من جوانب هذا الموضوع وهو الاتصال بين مؤسستي الأسرة والمدرسة وتأثير ذلك على التحصيل الدراسي للتلميذ المتمثل الذي يتطلب اتصال أولياء التلاميذ بالمدرسة وتثمين وتفعيل دور جمعية أولياء التلاميذ، الاستفسار الدوري للأولياء عن سلوك أبنائهم ونتائجهم المدرسية.
إن الإصلاح التربوي يجب أن ينطلق من هاتين المؤسستين الاجتماعيتين وبشكل يوازي التطور والتغير الذي يقع على المجتمع إلا أن التحصيل الدراسي له عدة عوامل تتداخل وتتشابك ،ولعل من بين هذه العوامل التواصل بين الأسرة والمدرسة، وضعف ومحدودية دور جمعيات أولياء التلاميذ في الحياة المدرسية التي تعاني من التراجع وعدم القدرة على التكيف والتطور مما يجعلنا أمام إشكالية تتمثل في مدى تأثير الاتصال بين الأسرة والمدرسة على التحصيل الدراسي للتلميذ.
أولا : مفهوم التواصل لغة واصطلاحا:
لقد أدرك البشر أهمية الاتصال منذ فجر التاريخ، ومع تتابع العصور زاد الإحساس بدوره البارز في استمرار حياتهم، وتحقيق مصالحهم المختلفة، وتوحيد جهودهم، وترابط مجموعاتهم، وتنظيم أنشطتهم، وتطور أنماط حياتهم.
فالاتصال بين أفراد المجتمع والمجموعات الاجتماعية المختلفة ضروري لتحقيق متطلبات الاجتماع الإنساني. ويعتبر التواصل بين الأسرة والمدرسة نموذجا من نماذج التواصل بين أفراد المجتمع.
1 ــ 1 ــ التواصل في اللغة:
التواصل لغة يفيد الاشتراك ، وأصله من " وصل"، يقال : وصل الشيء وصلا وصلة، ومنه: وصل فلان رحمه يصلها صلة. والوصل ضد الهجران، والتواصل ضد التهاجر والتقاطع.
1 ـ 2 ــ التواصل في الاصطلاح:
التواصل اصطلاحا نشاط شفهي أو كتابي ، يتم يتبادل الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق الإرسال والاستقبال، بواسطة نظام من الرموز متعارف عليها بين المتخاطبين، وخلال قناة او قنوات او طرائق تربط بين المرسل والمرسل إليه، بحيث تؤدي إلى نوع من التفاهم بين الطرفين مما يترتب عليه تعديل السلوك .
ثانيا- مفهوم الأسرة:
2 ــ 1 ــ التعريف اللغوي:
الأسرة من الناحية اللغوية كما وردت في لسان العرب تعني عشيرة الرجل وأهل بيته ورهطه الأدنون لأنه يتقوى بهم ، وهي مشتقة من الأسر الذي يعني القيد ، يقال أسر أسرا وأسارا : قيده وأسره وأخذه وأسيرا، (1)ولكن قد يكون الأسر اختياريا يرتضيه الإنسان لنفسه ويسعى إليه ،لأنه يعيش مهددا بدونه ومن هذا الأسر الاختياري اشتقت الأسرة . لذا فإن المفهوم اللغوي للأسرة ينبئ عن المسؤولية لأن الأسر والقيد هنا يفهم من العبء الملقى على الإنسان.(2)
2 ـ 2 ـ التعريف الاصطلاحي:
ليس لاصطلاح الأسرة تعريف ومعنى واضح يتفق عليه العلماء بالرغم من كونها أحد أهم الوحدات الأساسية التي يتكون منها البناء الاجتماعي لذا سنتطرق إلى بعض التعريفات:
- تعريف د. عاطف غيث: جماعة اجتماعية بيولوجية نظامية تتكون من رجل وامرأة - تقوم بينهما رابطة زوجية مقررة – وأبنائهما. (3)
- الأسرة مجموعة اجتماعية تربط بينها روابط القرابة أو الزواج، وهي شكل اجتماعي له وجود في كل المجتمعات البشرية وتقوم الأسرة نتيجة للجهة النظرية بتوفير الحماية و الأمن والتنشئة الاجتماعية لأعضائها، هذا وتختلف بنية الأسرة ونوع الحاجات التي تشبعها لأفرادها باختلاف المجتمعات و باختلاف المراحل التاريخية.
كما يستخدم مفهوم الأسرة كذلك للدلالة على الخصائص البنيوية والوظيفية والنشاطات الاجتماعية التي تتم في رحاب وحدة ترابية وسكنية واقتصادية ومعايشة تشمل الزوج والزوجة والأولاد غير المتزوجين عكس العائلة التي تشير إلى وحدة في القرابة تشمل الأصول والفروع التي ترتبط بنسب الأب سواء في شكليها: الممتدة والنووية .كما تعرف بأنها وحدة بنائية ووظيفية تتكون من شخصين أو أكثر.
2 ـ 3 ـ وظائف الأسرة:
إن الوظيفة الأولى للأسرة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها لغة قومه والمشي وبعض الأخلاق والقيم، ومن خلال أسرته يكتشف نفسه ومحيطه، فهي التي تمنحه الهوية والأمان والحنان، وبالتالي فهي تلعب نفس وظائف المدرسة بالإضافة إلى كونها المسؤول الأول والخير لنجاح نشأة الفرد، وكما قلنا في التعريف بأنها الرحم الاجتماعي للطفل والتي يعود إليه الطفل لتضميد كل جراحه التي قد يسببها العالم الخارجي بسبب المعاناة والضغوطات، ومن هنا فالأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع وهي المسؤولة عن قوة أو ضعف البنية المجتمعية العامة، لكونها تقوم بوظيفة الأمن لأفرادها ووظيفة التضامن ووظيفة التكوين للنشأة الاجتماعية، ووظيفة المراقبة....فهي المؤسسة الشمولية تؤدي مختلف الأدوار إلا أنه في الوقت الراهن قد تقلصت فيه هذه الوظائف ومعها مسؤوليات الأسرة مما فرض عليها أن تعيد النظر في علاقاتها مع مختلف الأطراف المشاركة في العمل التربوي من مدرسة وشارع ووسائل الأمن، وقد كرمت جميع الأديان الأسرة باعتبارها مهد الرجل، واعتبرت الأم المعلم الأول الذي لا يمكن استبداله بغيره خلاف من يتحدث على التعليم الاجتماعي ومدارس الحضانة وبيوت الأطفال بابتهاج.(4)
ثالثا – المدرسة: المفهوم ، الأهمية، الوظيفة:
3 ـ 1 ـ مفهوم المدرسة
يرجع أصل المدرسة "école" إلى الأصل اليوناني "schéol" والذي يقصد به وقت الفراغ الذي يقضيه الناس مع زملائهم من أجل تثقيف النشء وتطور هذا اللفظ بعد ذلك ليشير إلى التكوين الذي يعطي في تشكل جماعي مؤسسي، أو إلى المكان الذي يتم فيه التعليم، ليصبح لفظ المدرسة يفيد حاليا تلك المؤسسة الاجتماعية التي توكل إليها مهمة التربية الحسية والفكرية والأخلاقية للأطفال والمراهقين في شكل يطابق متطلبات المكان والزمان .كما يعرفها الفيلسوف الفرنسي وأحد مؤسسي علم الاجتماع "إميل دور كايم" (Émile Durkheim) بأنها عبارة عن تعبير امتيازي للمجتمع الذي يوليها بأن تنقل للأطفال قيما ثقافية وأخلاقية واجتماعية يعتبرها ضرورية لتشكيل الراشد وإدماجه في بيته ووسطه.(5)
ويعرفها "رابح تركي" بأنها: "تلك المؤسسة التربوية المقصودة والعامة لتنفيذ أهداف النظام التربوي في المجتمع ".
أما مفهوم المدرسة بالتحديد هي السبيل الذي يقدم إليه الأطفال منذ صغرهم، بعد الأسرة التي تمثل المدرسة الأولى إلى أن يلتحقوا بسوق الشغل وبالتالي فهي بمثابة معمل لتكوين الموارد البشرية.
إلا أنها تعتمد إلى التربية والتكوين وفق الثقافة التي تمثلها كمؤسسة مدرسية.
3 ـ 2ـ أهمية المدرسة:
إن المدرسة هي عملية للبناء لذلك يجب على الآباء والمدرسة والمجتمع المشاركة في هذه العملية المستمرة كما لو أنها مرجع مختص للأسرة ولكن بالرغم من قصر مدتها ،فإن لها الدور الأكبر في كونها مرجعا مختصا للأسرة، في عملية بناء شخصية أطفالهم وتدريبهم على الاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم ولها دورا متخصصا منهجيا تقوم به وتنفذه بدعم من الأولياء والمجتمع ويستمر تأثيره على مدى الحياة ولكي تستطيع المدرسة أن تقوم بدورها التخصصي لابد أن تملك الموارد والكفاءات والمؤهلات والمناهج اللازمة ومنهجية خاصة بالعمل التربوي بالإضافة إلى تأهيل المدرسين الفريق المختص للتعاون مع الأسرة .كما أن المدرسة عندما تريد تطبيق برامجها كثير من المدرسين يعملون متفردين عن الوالدين فتكون فترة قضاء الطفل في المدرسة قليلة الفائدة، بالإضافة إلى وجود معوقات في الاستفادة من البرامج التي تضعها المدرسة، وكثيرا ما يكون لدى الفريق التربوي بعض المعوقات التي تعرقل عملية تطبيق البرامج.
3 ـ 3 ــ وظائف المدرسة:
إن وظيفة المدرسة لا تقتصر على الجانب التعليمي أو المعرفي فقط، إنما تمتد إلى الجوانب الاجتماعية والشخصية للفرد ، لذا يتوقع المجتمع من المدرسة أكثر من كونها مجرد مكان للتعليم .بل يزداد الاحترام لها للدور الذي تلعبه في تنمية القيم الخلقية والأنماط السلوكية الرشيدة في أبنائهم ، والالتزام بمواصفات اجتماعية معينة وفق المظهر والسلوك والتصرف المتعارف عليه اجتماعيا، وبذلك تعد المدرسة حلقة من حلقات المسار التربوي والتعليمي للطفل ــ التلميذ ، أوجدها المجتمع لتخفف عنه أعباءه التربوية والتعليمية .
3 ـ 4 ـ العلاقة بين الأسرة والمدرسة
بعد الحديث عن مفهوم الأسرة وأهميتها لابد من توضيح العلاقة بينها (الأسرة)وبين المدرسة كونهما البيئة الرئيسة المؤثرة على تحصيل التلميذ.
إن دور الأسرة لا يختلف عن بقية المؤسسات في نقل التراث الحضاري وتدريب وتعليم الأفراد والجماعات على المهارات والخبرات إن لم يكن أكثر أهمية في بعض الأحيان وفي بعض المجالات على بقية المؤسسات، فالتربية تهدف إلى تهيئة حياة سعيدة للأفراد . كما ينظر إليها (لوك) أنها تصنع السعادة للأفراد، وكما يعتقده (أفلاطون) أن التربية تهتم بتكوين أفرادا يصنعون المجتمع العادل لذا يجب معاملة كل فرد حسب إمكانيته وكيفية استغلال قدرته لتكوين النظام الاجتماعي.
لا يمكن نكران ما تلعبه العائلة من دور أساس في زرع وتكوين القيم التربوية التي تعد المواطن الصالح أو تعلمه الأنماط السلوكية التربوية الأخرى. فإذا كانت التربية تعني العمل الإنساني الهادف وتهتم بالوسائل والأهداف المرغوبة في حياة الناشئ الجديد ،فإن العائلة من أول المؤسسات وأخطرها وذات تأثير على سير العملية التربوية .
إن التربية عملية اجتماعية تهدف إلى بناء شخصيات الأفراد من أجل تمكينهم من مواصلة حياة الجماعة. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف لابد من توفر ما يلي :
1 – الاتصال المباشر بين أولياء الأمور والأسرة والمدرسة.
2 – مشاركة أولياء الأمور في تقديم الملاحظات والدعم للمدرسة.
3 – قيام المدرسة بإبلاغ أولياء الأمور عن سلوك أبنائهم داخل المدرسة.
4 – مشاركة أولياء أمور التلاميذ في المناسبات الدينية والوطنية والثقافية.
3 ــ 5 ــ أهمية التواصل بين المدرسة والأسرة
إن التواصل بين المدرسة والأسرة ضرورة ملحة تقع معظم مسؤوليتها على المؤسسة نفسها، بحكم مركزها و عملها، ويتوقف نجاح المؤسسة أو فشلها على مدى الصلة التي تقيمها مع المجتمع المحيط، لذا فتوثيق الصلة بين المدرسة والأسرة أمر مهم لإشعار الأسرة باهتمام المؤسسة التعليمية بالتلميذ وهذا يؤدي بدوره كذلك إلى تبلور الشعور لدى الآباء فيدفعهم للتعاون في إنجاح هذه العملية.
من خلال الاطلاع على الأدب التربوي المتعلق بأهمية التواصل بين المدرسة والأسرة يمكن تلخيص أهمية التواصل فيما يلي:
1 ــ يصلح المجتمع المحلي ويحسن ظروف معيشته.
2ــ يوثق عُرى المودة بين المدرسة وأولياء الأمور ويزيل الحواجز النفسية والاجتماعية بينهما مما يكون باعثا على شعور التلميذ بجو الأمان والثقة داخل المؤسسة وخارجها,
3ــ يؤدي إلى تبادل الأفكار والخبرات بين المدرسين والآباء فيما يتعلق بتربية الأبناء والتنسيق بين المؤسسة والبيت بأسلوب متكامل لتحقيق النمو السليم لشخصية التلميذ.
4 ــ يعرف أولياء الأمور والمجتمع بدور المؤسسة التعليمية المهم ، وطبيعة الخدمات التي تقدمها للتلاميذ والمجتمع ، وتعريفهم كذلك بالنُظم التربوية المتبعة في المدرسة
5 ــ يعمل التعاون بين المؤسسة والأسرة على حل مشكلات المؤسسة وتذليل الصعوبات التي تواجه التلميذ.
رابعا: التحصيل الدراسي :( مفهومُه وأهدافه )
يعتبر التحصيل الدراسي أحد الجوانب الهامة في النشاط العقلي الذي يقوم به التلميذ والذي يظهر فيه أثر التفوق الدراسي، فهو عمل مستمر يستخدمه المدرس لتقدير مدى تحقيق الأهداف عند المتعلم . كما يعمل على مساعدة المؤسسات التربوية والتعليمية في استخدام نتائج التحصيل في عملية التخطيط والتقدير.
4 ـ 1 ـ مفهوم التحصيل الدراسي :
التحصيل الدراسي هو إتقان جملة من المهارات والمعارف التي يمكن أن يمتلكها الطالب بعد تعرضه لخبرات تربوية في مادة دراسة معينة او مجموعة من المواد .تعرفه "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي" بأنه: بلوغ مستوى الكفاءة في المدرسة أو الجامعة ، وتحيد ذلك باختبارات التحصيل المقننة أو تقديرات المدرسين، أو الاثنين معا".(6)
1 - تقرير نتيجة التلميذ لانتقاله إلى مرحلة أخرى .
2 – تحديد نوع الدراسة والتخصص الذي سينتقل إليه التلميذ لاحقا .
3 – معرفة القدرات الفردية للتلاميذ.
4 – الاستفادة من نتائج التحصيل للانتقال من مدرسة إلى أخرى .
وقد أكدت البحوث على وجود علاقة وظيفية بين التحصيل الجيد والاتجاهات الموجبة نحو المدرسة وينعكس كذلك على سلوك التلاميذ نحو المدرسة والتعليم ويسهم في تعديل التوافق النفسي والاجتماعي للتلاميذ.
إن للوضع الاجتماعي والاقتصادي للتلميذ الأثر الكبير في التوجه نحو التحصيل الدراسي وكذلك موقع المدرسة ونوعها الذي يؤثر إيجابيا في العلاقة بين التلميذ و المدرس.
وسنحاول التركيز على مدة مرحلة التعليم الإعدادي كونها مدة دراسية متوسطة بين سنوات الدراسة وتقع ضمن المدة العمرية المتمثلة بالمراهقة وهي مرحلة نمو التلميذ وما يصاحبها من سلوكيات قد يغفلها البعض من المدرسين مما يتطلب وجود الأخصائي أو الباحث الاجتماعي .
وتأتي أهمية المرحلة الدراسية في المدرسة من جانبين :
1 – الإعداد العام للحياة .
2 – الإعداد العلمي لمواصلة التعليم الثانوي التأهيلي.
ويمكن أن يضاف إلى الجانبين ما يأتي:
1 – المراهقة والتغيرات الجسمية أو السلوكية .
2 – الارتباط بمشاكل المجتمع .
3 – المرحلة العبورية .
4 – التنمية الاجتماعية والتطور الحضاري .
4 ــ 3 ــ الجهود الإيجابية التي يكمن للأسرة القيوم بها
لا يمكن لأي برنامج تربوي سليم أن ينكر الدور الإيجابي الذي يمكن أن تقوم به الأسرة في معالجة مشاكل الأبناء الدراسية. فالأسرة هي المسؤولة الرئيسية أولا وأخيرا عن تنشئة أبنائها وتربيتهم التربية السليمة. وتتمثل الجهود الإيجابية التي يمكن أن تقوم بها الأسرة في معالجة أبنائها فيما يلي:
ــ العمل على توفير المناخ الأسري المناسب والسليم لنمو أبنائها النفسي وإشباع حاجاتهم وتجنب الأساليب التربوية الخاطئة.
ــ متابعة تطبيق وتنفيذ بعض الأساليب التعليمية والتعبيرية السلوكية خاصة بالمشكلة.
ــ السعي للاتصال المستمر مع المدرسة وتزويدها بالمعلومات الضرورية واللازمة عن مستوى أبنائها الدراسي وسلوكياتهم ومشاكلهم.
ــ السعي قدر الإمكان للحضور والمشاركة في مجالس أولياء التلاميذ والنشاطات الاجتماعية التي تقدمها المدرسة والتي تعلق بهذا الشأن والإفادة منها.
وأخيرا لا شك بأن التعاون بين المدرسة والأهل وتقبل طرائق الاتصال بين البيت والمدرسة بأشكالها المختلفة سيثمر حتما نتائج إيجابية.
وإذ كان تأثير المنزل على تنشئة الفرد يظهر عليه، وعلى تحصيله الدراسي ،فإن على المدرسة واجب معرفة البيئة المنزلية للطفل ـ التلميذ حتى يمكنها إدراك العوامل المختلفة المتداخلة في شخصيته، كما أنها لا يمكن أن تستمر في عملها التربوي ما لم يتعاون الآباء معها عن طريق إمدادها بالمعلومات المختلفة عن مميزات التلميذ وحاجاته....إلخ ومنه يمكن القول إن الأسرة والمدرسة مؤسستين اجتماعيتين للتنشئة الاجتماعية .
2 ــ عبد المجيد سيد منصور، زكرياء أحمد الشربيني، علم النفس الطفولة (الأسس النفسية والاجتماعية والهدى الإسلامي ، دار الفكر العربي، ط1، القاهرة ، 1998، ص: 16.
3 ــ عاطف غيث، قاموس علم الاجتماع، مصر، العينة المصرية العامة للكتاب، 1972، ص: 176.
4 ــ مراد زعيمي، مؤسسات التنشئة الاجتماعية، عنابة، منشورات جامعية باجي مختار، 2006، ص: 71.
5 ــ عبد العزيز جادو، علم النفس الطفل وتربيته، الاسكندرية، المكتبة الجامعية ، الأزبطية ، 2001 ، ص:38.
6 ــ محمد جاسم لعبيدي، علم النفس التربوي وتطبيقاته، مكتبة دار الثقافة ، عمان،ط1 ، 2004،ص:293.
لا يمكن الحديث اليوم عن الإصلاح التربوي في المغرب أو القيام بتحليل موضوعي لمجرياته الراهنة والاستشراقية دونما التأكيد عن عمق الروابط الطبيعية بين الأسرة والمدرسة كمؤسستين اجتماعيتين تضطلعان بمهام التنشئة الاجتماعية.
ومن أجل هذا ونظرا لأهمية الموضوع أردنا من خلال هذا البحث المبسط تسليط الضوء على جانب هام من جوانب هذا الموضوع وهو الاتصال بين مؤسستي الأسرة والمدرسة وتأثير ذلك على التحصيل الدراسي للتلميذ المتمثل الذي يتطلب اتصال أولياء التلاميذ بالمدرسة وتثمين وتفعيل دور جمعية أولياء التلاميذ، الاستفسار الدوري للأولياء عن سلوك أبنائهم ونتائجهم المدرسية.
إن الإصلاح التربوي يجب أن ينطلق من هاتين المؤسستين الاجتماعيتين وبشكل يوازي التطور والتغير الذي يقع على المجتمع إلا أن التحصيل الدراسي له عدة عوامل تتداخل وتتشابك ،ولعل من بين هذه العوامل التواصل بين الأسرة والمدرسة، وضعف ومحدودية دور جمعيات أولياء التلاميذ في الحياة المدرسية التي تعاني من التراجع وعدم القدرة على التكيف والتطور مما يجعلنا أمام إشكالية تتمثل في مدى تأثير الاتصال بين الأسرة والمدرسة على التحصيل الدراسي للتلميذ.
أولا : مفهوم التواصل لغة واصطلاحا:
لقد أدرك البشر أهمية الاتصال منذ فجر التاريخ، ومع تتابع العصور زاد الإحساس بدوره البارز في استمرار حياتهم، وتحقيق مصالحهم المختلفة، وتوحيد جهودهم، وترابط مجموعاتهم، وتنظيم أنشطتهم، وتطور أنماط حياتهم.
فالاتصال بين أفراد المجتمع والمجموعات الاجتماعية المختلفة ضروري لتحقيق متطلبات الاجتماع الإنساني. ويعتبر التواصل بين الأسرة والمدرسة نموذجا من نماذج التواصل بين أفراد المجتمع.
1 ــ 1 ــ التواصل في اللغة:
التواصل لغة يفيد الاشتراك ، وأصله من " وصل"، يقال : وصل الشيء وصلا وصلة، ومنه: وصل فلان رحمه يصلها صلة. والوصل ضد الهجران، والتواصل ضد التهاجر والتقاطع.
1 ـ 2 ــ التواصل في الاصطلاح:
التواصل اصطلاحا نشاط شفهي أو كتابي ، يتم يتبادل الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق الإرسال والاستقبال، بواسطة نظام من الرموز متعارف عليها بين المتخاطبين، وخلال قناة او قنوات او طرائق تربط بين المرسل والمرسل إليه، بحيث تؤدي إلى نوع من التفاهم بين الطرفين مما يترتب عليه تعديل السلوك .
ثانيا- مفهوم الأسرة:
2 ــ 1 ــ التعريف اللغوي:
الأسرة من الناحية اللغوية كما وردت في لسان العرب تعني عشيرة الرجل وأهل بيته ورهطه الأدنون لأنه يتقوى بهم ، وهي مشتقة من الأسر الذي يعني القيد ، يقال أسر أسرا وأسارا : قيده وأسره وأخذه وأسيرا، (1)ولكن قد يكون الأسر اختياريا يرتضيه الإنسان لنفسه ويسعى إليه ،لأنه يعيش مهددا بدونه ومن هذا الأسر الاختياري اشتقت الأسرة . لذا فإن المفهوم اللغوي للأسرة ينبئ عن المسؤولية لأن الأسر والقيد هنا يفهم من العبء الملقى على الإنسان.(2)
2 ـ 2 ـ التعريف الاصطلاحي:
ليس لاصطلاح الأسرة تعريف ومعنى واضح يتفق عليه العلماء بالرغم من كونها أحد أهم الوحدات الأساسية التي يتكون منها البناء الاجتماعي لذا سنتطرق إلى بعض التعريفات:
- تعريف د. عاطف غيث: جماعة اجتماعية بيولوجية نظامية تتكون من رجل وامرأة - تقوم بينهما رابطة زوجية مقررة – وأبنائهما. (3)
- الأسرة مجموعة اجتماعية تربط بينها روابط القرابة أو الزواج، وهي شكل اجتماعي له وجود في كل المجتمعات البشرية وتقوم الأسرة نتيجة للجهة النظرية بتوفير الحماية و الأمن والتنشئة الاجتماعية لأعضائها، هذا وتختلف بنية الأسرة ونوع الحاجات التي تشبعها لأفرادها باختلاف المجتمعات و باختلاف المراحل التاريخية.
كما يستخدم مفهوم الأسرة كذلك للدلالة على الخصائص البنيوية والوظيفية والنشاطات الاجتماعية التي تتم في رحاب وحدة ترابية وسكنية واقتصادية ومعايشة تشمل الزوج والزوجة والأولاد غير المتزوجين عكس العائلة التي تشير إلى وحدة في القرابة تشمل الأصول والفروع التي ترتبط بنسب الأب سواء في شكليها: الممتدة والنووية .كما تعرف بأنها وحدة بنائية ووظيفية تتكون من شخصين أو أكثر.
2 ـ 3 ـ وظائف الأسرة:
إن الوظيفة الأولى للأسرة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها لغة قومه والمشي وبعض الأخلاق والقيم، ومن خلال أسرته يكتشف نفسه ومحيطه، فهي التي تمنحه الهوية والأمان والحنان، وبالتالي فهي تلعب نفس وظائف المدرسة بالإضافة إلى كونها المسؤول الأول والخير لنجاح نشأة الفرد، وكما قلنا في التعريف بأنها الرحم الاجتماعي للطفل والتي يعود إليه الطفل لتضميد كل جراحه التي قد يسببها العالم الخارجي بسبب المعاناة والضغوطات، ومن هنا فالأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع وهي المسؤولة عن قوة أو ضعف البنية المجتمعية العامة، لكونها تقوم بوظيفة الأمن لأفرادها ووظيفة التضامن ووظيفة التكوين للنشأة الاجتماعية، ووظيفة المراقبة....فهي المؤسسة الشمولية تؤدي مختلف الأدوار إلا أنه في الوقت الراهن قد تقلصت فيه هذه الوظائف ومعها مسؤوليات الأسرة مما فرض عليها أن تعيد النظر في علاقاتها مع مختلف الأطراف المشاركة في العمل التربوي من مدرسة وشارع ووسائل الأمن، وقد كرمت جميع الأديان الأسرة باعتبارها مهد الرجل، واعتبرت الأم المعلم الأول الذي لا يمكن استبداله بغيره خلاف من يتحدث على التعليم الاجتماعي ومدارس الحضانة وبيوت الأطفال بابتهاج.(4)
ثالثا – المدرسة: المفهوم ، الأهمية، الوظيفة:
3 ـ 1 ـ مفهوم المدرسة
يرجع أصل المدرسة "école" إلى الأصل اليوناني "schéol" والذي يقصد به وقت الفراغ الذي يقضيه الناس مع زملائهم من أجل تثقيف النشء وتطور هذا اللفظ بعد ذلك ليشير إلى التكوين الذي يعطي في تشكل جماعي مؤسسي، أو إلى المكان الذي يتم فيه التعليم، ليصبح لفظ المدرسة يفيد حاليا تلك المؤسسة الاجتماعية التي توكل إليها مهمة التربية الحسية والفكرية والأخلاقية للأطفال والمراهقين في شكل يطابق متطلبات المكان والزمان .كما يعرفها الفيلسوف الفرنسي وأحد مؤسسي علم الاجتماع "إميل دور كايم" (Émile Durkheim) بأنها عبارة عن تعبير امتيازي للمجتمع الذي يوليها بأن تنقل للأطفال قيما ثقافية وأخلاقية واجتماعية يعتبرها ضرورية لتشكيل الراشد وإدماجه في بيته ووسطه.(5)
ويعرفها "رابح تركي" بأنها: "تلك المؤسسة التربوية المقصودة والعامة لتنفيذ أهداف النظام التربوي في المجتمع ".
أما مفهوم المدرسة بالتحديد هي السبيل الذي يقدم إليه الأطفال منذ صغرهم، بعد الأسرة التي تمثل المدرسة الأولى إلى أن يلتحقوا بسوق الشغل وبالتالي فهي بمثابة معمل لتكوين الموارد البشرية.
إلا أنها تعتمد إلى التربية والتكوين وفق الثقافة التي تمثلها كمؤسسة مدرسية.
3 ـ 2ـ أهمية المدرسة:
إن المدرسة هي عملية للبناء لذلك يجب على الآباء والمدرسة والمجتمع المشاركة في هذه العملية المستمرة كما لو أنها مرجع مختص للأسرة ولكن بالرغم من قصر مدتها ،فإن لها الدور الأكبر في كونها مرجعا مختصا للأسرة، في عملية بناء شخصية أطفالهم وتدريبهم على الاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم ولها دورا متخصصا منهجيا تقوم به وتنفذه بدعم من الأولياء والمجتمع ويستمر تأثيره على مدى الحياة ولكي تستطيع المدرسة أن تقوم بدورها التخصصي لابد أن تملك الموارد والكفاءات والمؤهلات والمناهج اللازمة ومنهجية خاصة بالعمل التربوي بالإضافة إلى تأهيل المدرسين الفريق المختص للتعاون مع الأسرة .كما أن المدرسة عندما تريد تطبيق برامجها كثير من المدرسين يعملون متفردين عن الوالدين فتكون فترة قضاء الطفل في المدرسة قليلة الفائدة، بالإضافة إلى وجود معوقات في الاستفادة من البرامج التي تضعها المدرسة، وكثيرا ما يكون لدى الفريق التربوي بعض المعوقات التي تعرقل عملية تطبيق البرامج.
3 ـ 3 ــ وظائف المدرسة:
إن وظيفة المدرسة لا تقتصر على الجانب التعليمي أو المعرفي فقط، إنما تمتد إلى الجوانب الاجتماعية والشخصية للفرد ، لذا يتوقع المجتمع من المدرسة أكثر من كونها مجرد مكان للتعليم .بل يزداد الاحترام لها للدور الذي تلعبه في تنمية القيم الخلقية والأنماط السلوكية الرشيدة في أبنائهم ، والالتزام بمواصفات اجتماعية معينة وفق المظهر والسلوك والتصرف المتعارف عليه اجتماعيا، وبذلك تعد المدرسة حلقة من حلقات المسار التربوي والتعليمي للطفل ــ التلميذ ، أوجدها المجتمع لتخفف عنه أعباءه التربوية والتعليمية .
3 ـ 4 ـ العلاقة بين الأسرة والمدرسة
بعد الحديث عن مفهوم الأسرة وأهميتها لابد من توضيح العلاقة بينها (الأسرة)وبين المدرسة كونهما البيئة الرئيسة المؤثرة على تحصيل التلميذ.
إن دور الأسرة لا يختلف عن بقية المؤسسات في نقل التراث الحضاري وتدريب وتعليم الأفراد والجماعات على المهارات والخبرات إن لم يكن أكثر أهمية في بعض الأحيان وفي بعض المجالات على بقية المؤسسات، فالتربية تهدف إلى تهيئة حياة سعيدة للأفراد . كما ينظر إليها (لوك) أنها تصنع السعادة للأفراد، وكما يعتقده (أفلاطون) أن التربية تهتم بتكوين أفرادا يصنعون المجتمع العادل لذا يجب معاملة كل فرد حسب إمكانيته وكيفية استغلال قدرته لتكوين النظام الاجتماعي.
لا يمكن نكران ما تلعبه العائلة من دور أساس في زرع وتكوين القيم التربوية التي تعد المواطن الصالح أو تعلمه الأنماط السلوكية التربوية الأخرى. فإذا كانت التربية تعني العمل الإنساني الهادف وتهتم بالوسائل والأهداف المرغوبة في حياة الناشئ الجديد ،فإن العائلة من أول المؤسسات وأخطرها وذات تأثير على سير العملية التربوية .
إن التربية عملية اجتماعية تهدف إلى بناء شخصيات الأفراد من أجل تمكينهم من مواصلة حياة الجماعة. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف لابد من توفر ما يلي :
1 – الاتصال المباشر بين أولياء الأمور والأسرة والمدرسة.
2 – مشاركة أولياء الأمور في تقديم الملاحظات والدعم للمدرسة.
3 – قيام المدرسة بإبلاغ أولياء الأمور عن سلوك أبنائهم داخل المدرسة.
4 – مشاركة أولياء أمور التلاميذ في المناسبات الدينية والوطنية والثقافية.
3 ــ 5 ــ أهمية التواصل بين المدرسة والأسرة
إن التواصل بين المدرسة والأسرة ضرورة ملحة تقع معظم مسؤوليتها على المؤسسة نفسها، بحكم مركزها و عملها، ويتوقف نجاح المؤسسة أو فشلها على مدى الصلة التي تقيمها مع المجتمع المحيط، لذا فتوثيق الصلة بين المدرسة والأسرة أمر مهم لإشعار الأسرة باهتمام المؤسسة التعليمية بالتلميذ وهذا يؤدي بدوره كذلك إلى تبلور الشعور لدى الآباء فيدفعهم للتعاون في إنجاح هذه العملية.
من خلال الاطلاع على الأدب التربوي المتعلق بأهمية التواصل بين المدرسة والأسرة يمكن تلخيص أهمية التواصل فيما يلي:
1 ــ يصلح المجتمع المحلي ويحسن ظروف معيشته.
2ــ يوثق عُرى المودة بين المدرسة وأولياء الأمور ويزيل الحواجز النفسية والاجتماعية بينهما مما يكون باعثا على شعور التلميذ بجو الأمان والثقة داخل المؤسسة وخارجها,
3ــ يؤدي إلى تبادل الأفكار والخبرات بين المدرسين والآباء فيما يتعلق بتربية الأبناء والتنسيق بين المؤسسة والبيت بأسلوب متكامل لتحقيق النمو السليم لشخصية التلميذ.
4 ــ يعرف أولياء الأمور والمجتمع بدور المؤسسة التعليمية المهم ، وطبيعة الخدمات التي تقدمها للتلاميذ والمجتمع ، وتعريفهم كذلك بالنُظم التربوية المتبعة في المدرسة
5 ــ يعمل التعاون بين المؤسسة والأسرة على حل مشكلات المؤسسة وتذليل الصعوبات التي تواجه التلميذ.
رابعا: التحصيل الدراسي :( مفهومُه وأهدافه )
يعتبر التحصيل الدراسي أحد الجوانب الهامة في النشاط العقلي الذي يقوم به التلميذ والذي يظهر فيه أثر التفوق الدراسي، فهو عمل مستمر يستخدمه المدرس لتقدير مدى تحقيق الأهداف عند المتعلم . كما يعمل على مساعدة المؤسسات التربوية والتعليمية في استخدام نتائج التحصيل في عملية التخطيط والتقدير.
4 ـ 1 ـ مفهوم التحصيل الدراسي :
التحصيل الدراسي هو إتقان جملة من المهارات والمعارف التي يمكن أن يمتلكها الطالب بعد تعرضه لخبرات تربوية في مادة دراسة معينة او مجموعة من المواد .تعرفه "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي" بأنه: بلوغ مستوى الكفاءة في المدرسة أو الجامعة ، وتحيد ذلك باختبارات التحصيل المقننة أو تقديرات المدرسين، أو الاثنين معا".(6)
4 ـ 2ـ أهداف التحصيل الدراسي :
للتحصيل الدراسي أهداف منها :1 - تقرير نتيجة التلميذ لانتقاله إلى مرحلة أخرى .
2 – تحديد نوع الدراسة والتخصص الذي سينتقل إليه التلميذ لاحقا .
3 – معرفة القدرات الفردية للتلاميذ.
4 – الاستفادة من نتائج التحصيل للانتقال من مدرسة إلى أخرى .
وقد أكدت البحوث على وجود علاقة وظيفية بين التحصيل الجيد والاتجاهات الموجبة نحو المدرسة وينعكس كذلك على سلوك التلاميذ نحو المدرسة والتعليم ويسهم في تعديل التوافق النفسي والاجتماعي للتلاميذ.
إن للوضع الاجتماعي والاقتصادي للتلميذ الأثر الكبير في التوجه نحو التحصيل الدراسي وكذلك موقع المدرسة ونوعها الذي يؤثر إيجابيا في العلاقة بين التلميذ و المدرس.
وسنحاول التركيز على مدة مرحلة التعليم الإعدادي كونها مدة دراسية متوسطة بين سنوات الدراسة وتقع ضمن المدة العمرية المتمثلة بالمراهقة وهي مرحلة نمو التلميذ وما يصاحبها من سلوكيات قد يغفلها البعض من المدرسين مما يتطلب وجود الأخصائي أو الباحث الاجتماعي .
وتأتي أهمية المرحلة الدراسية في المدرسة من جانبين :
1 – الإعداد العام للحياة .
2 – الإعداد العلمي لمواصلة التعليم الثانوي التأهيلي.
ويمكن أن يضاف إلى الجانبين ما يأتي:
1 – المراهقة والتغيرات الجسمية أو السلوكية .
2 – الارتباط بمشاكل المجتمع .
3 – المرحلة العبورية .
4 – التنمية الاجتماعية والتطور الحضاري .
4 ــ 3 ــ الجهود الإيجابية التي يكمن للأسرة القيوم بها
لا يمكن لأي برنامج تربوي سليم أن ينكر الدور الإيجابي الذي يمكن أن تقوم به الأسرة في معالجة مشاكل الأبناء الدراسية. فالأسرة هي المسؤولة الرئيسية أولا وأخيرا عن تنشئة أبنائها وتربيتهم التربية السليمة. وتتمثل الجهود الإيجابية التي يمكن أن تقوم بها الأسرة في معالجة أبنائها فيما يلي:
ــ العمل على توفير المناخ الأسري المناسب والسليم لنمو أبنائها النفسي وإشباع حاجاتهم وتجنب الأساليب التربوية الخاطئة.
ــ متابعة تطبيق وتنفيذ بعض الأساليب التعليمية والتعبيرية السلوكية خاصة بالمشكلة.
ــ السعي للاتصال المستمر مع المدرسة وتزويدها بالمعلومات الضرورية واللازمة عن مستوى أبنائها الدراسي وسلوكياتهم ومشاكلهم.
ــ السعي قدر الإمكان للحضور والمشاركة في مجالس أولياء التلاميذ والنشاطات الاجتماعية التي تقدمها المدرسة والتي تعلق بهذا الشأن والإفادة منها.
وأخيرا لا شك بأن التعاون بين المدرسة والأهل وتقبل طرائق الاتصال بين البيت والمدرسة بأشكالها المختلفة سيثمر حتما نتائج إيجابية.
خـــاتـــمــــة
من هنا ، نخلص إلى أن دور كل من المدرسة والأسرة يتمثل في التنشئة الاجتماعية للأفراد عن طريق التربية ،فإن علاقتها يجب أن تنطلق من هذا المنظور الأساسي وعلاقة الأسرة بالمدرسة لا يجب أن تبقى علاقة سطحية ،لأن الأسرة أساس تزود المدرسة بالمادة الأولية وهي التلميذ.وإذ كان تأثير المنزل على تنشئة الفرد يظهر عليه، وعلى تحصيله الدراسي ،فإن على المدرسة واجب معرفة البيئة المنزلية للطفل ـ التلميذ حتى يمكنها إدراك العوامل المختلفة المتداخلة في شخصيته، كما أنها لا يمكن أن تستمر في عملها التربوي ما لم يتعاون الآباء معها عن طريق إمدادها بالمعلومات المختلفة عن مميزات التلميذ وحاجاته....إلخ ومنه يمكن القول إن الأسرة والمدرسة مؤسستين اجتماعيتين للتنشئة الاجتماعية .
الإحالات:
1 ــ محمد مكروم بن منظور : لسان العرب، مادة: أسر ، المجلد الرابع.2 ــ عبد المجيد سيد منصور، زكرياء أحمد الشربيني، علم النفس الطفولة (الأسس النفسية والاجتماعية والهدى الإسلامي ، دار الفكر العربي، ط1، القاهرة ، 1998، ص: 16.
3 ــ عاطف غيث، قاموس علم الاجتماع، مصر، العينة المصرية العامة للكتاب، 1972، ص: 176.
4 ــ مراد زعيمي، مؤسسات التنشئة الاجتماعية، عنابة، منشورات جامعية باجي مختار، 2006، ص: 71.
5 ــ عبد العزيز جادو، علم النفس الطفل وتربيته، الاسكندرية، المكتبة الجامعية ، الأزبطية ، 2001 ، ص:38.
6 ــ محمد جاسم لعبيدي، علم النفس التربوي وتطبيقاته، مكتبة دار الثقافة ، عمان،ط1 ، 2004،ص:293.
مواضيع ومقالات مشابهة