أشغال الدورة 12 للمجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي
قال
السيد رشيد بن المختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، في كلمته
بمناسبة افتتاح الجلسة الختامية لأشغال الدورة 12 للمجلس الوزاري المغاربي
للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، الذي انعقد بالرباط ما بين 12 و14
ماي 2015، والذي حضره أيضا السيد لحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين
الأطر والبحث العلمي، إن الإشكاليات والاختلالات التي تعاني منها منظومات
التربية والتعليم ببلدان المغرب العربي متشابهة ولها نفس الطابع، مضيفا أن
انعقاد المجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي،
يعتبر مناسبة سانحة للالتئام قصد تبادل الرأي وإبداء المقترحات التي من
شأنها إيجاد الحلول الملائمة لهاته الإشكاليات ومن تمة النهوض بالمنظومات
التربوية وتحقيق الجودة المطلوبة لها.
واعتبر السيد الوزير أن هذا الأمر يعد ممكنا وقابلا للتحقق بالنظر إلى تجارب بعض البلدان الآسيوية التي استطاعت أن تحقق مواقع متقدمة على مستوى جودة مخرجاتها التربوية بعد أن كانت، إلى وقت قريب، تعاني من أزمات اقتصادية، مبرزا أن إدراك نفس النتيجة وتحقيق نفس النجاح بالنسبة لأقطار اتحاد المغرب العربي يبقى رهينا بتغيير الأفكار وطرق العمل المعتمدة.
وفي نفس السياق أشار السيد الحبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي إلى أن التعليم بالنسبة لدول المغرب العربي يشكل الرهان الكبير الذي لا يمكن كسبه إلا بالتغلب على تحديات ثلاث كبرى هي: ضعف مستوى التعليم وضرورة مراجعة مناهجه التربوية؛ وعدم ملاءمة مناهج التعليم ونوعيته لسوق العمل؛ ثم ضعف مستوى البحث العلمي والابتكار، داعيا، في هذا الصدد، إلى ضرورة الانكباب على تعميق التفكير حول السبل التي تؤدي إلى كسب هاته التحديات.
كما أعرب، من جهة أخرى، عن يقينه من أن تنبثق عن مداولات السادة الوزراء قرارات هامة وبرامج عمل، من شأنها أن تشكل دفعة جديدة لمسلسل التنسيق والتكامل والعمل الجاد بين الدول المغاربية في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي.
من جانبه شدد السيد فتحي عبد الحفيظ أحمد علي، وزير التعليم الليبي، الذي تترأس بلاده هذه الدورة من المجلس الوزاري، على ضرورة الاهتمام بتعليم الريادة وتطوير المناهج المتعلقة برفع روح المواطنة وقبول الآخر وتبني قيم الديمقراطية والتسامح، معتبرا أن هذه المجالات ترتبط بشكل مباشر بإحداث الاستقرار والتنمية والديمقراطية في المنطقة.
و بدوره سجل السيد شهاب بودن، وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي، بارتياح ما توليه البلدان المغاربية من أهمية للمجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، مبرزا أن الحصيلة المسجلة لا تزال دون مستوى الطموحات الرامية إلى تحقيق تعاون وشراكة فعلية بين الأقطار المغاربية في مجالات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي.
كما دعا إلى ضرورة بلورة إطار استراتيجي للعمل المغاربي المشترك في مجالات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، يرتكز على تثمين مكتسبات التعاون الثنائي الحاصلة بين البلدان المغاربية، مع الأخذ بعين الاعتبار ما تشهده المنطقة المغاربية من تحديات في مختلف الميادين، ومواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية في بقية بلدان العالم الأكثر تقدما، والتقريب بين منظومات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي بمختلف الأقطار المغاربية، وتسهيل معادلة الشهادات، ومضاعفة نسق تبادل الطلبة والباحثين والمدرسين.
واعتبر السيد سيدي ولد سالم، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بموريتانيا، أن تبادل الوثائق التربوية والبرامج التعليمية، والسعي إلى إنجاز طباعة مشتركة للكتاب المدرسي، وبناء تعاون محكم بين المؤسسات المختصة في تكوين المكونين، قضايا جديرة بالاهتمام والعناية في سياسات دول اتحاد المغرب العربي في المجال التربوي لما لها من دور رئيسي في تأهيل وتكوين مدخلات التعليم العالي والرفع منها لاستيعاب مناهج العلوم والتكنولوجيا الحديثة، داعيا إلى العمل بجد من أجل إقامة فضاء جامعي مغاربي يقرب المسارات ويوحد المناهج، وييسر حركية الباحثين والأساتذة والطلاب في فضاء مغاربي يحقق الاندماج والتكامل بين جميع مكوناته في مجال التربية والتعليم العالي والبحث العلمي.
وفي ذات الصدد دعا السيد عامر بتقة، القائم بالأعمال بالنيابة بسفارة الجزائر بالرباط، إلى التوجه نحو ولوج آفاق جديدة من التبادل والتعاون بغية بلوغ مستويات متقدمة من الانسجام والتكامل بين الأنساق التربوية والتعليمية، بالشكل الذي يحقق طموح الأسرة التربوية المغاربية في التكوين النوعي والتعلم المتميز والتربية على المواطنة.
وأضاف بأن إحداث شبكات موضوعاتية ومشاريع أفقية مشتركة وتنفيدها، سواء في إطار الاتفاقية الثنائية المبرمة بين اتحاد المغرب العربي واليونسكو، أو في إطار برامج التعاون الدولي مع الاتحاد الاوربي والفضاء الاورومتوسطي، من شانه أن يمكن من التموقع بصفة افضل ضمن البرامج الأوربية والأورومتوسطية.
كما جدد التأكيد على أن رهانات النوعية والجودة وتحديات العولمة باتت تتطلب أكثر من أي وقت مضى، الاستثمار في التربية والتعليم والبحث والابتكار، وذلك عبر إرساء تكوين نوعي للموارد البشرية يتطابق مع المعايير الدولية، وعبر مزيد من العناية برأس المال البشري، بوصفه الرافع الرئيس لكل تنمية مستدامة ولكل تطور مأمول.
وكانت لجنة من الخبراء قد انكبت في اجتماعاتها التحضرية خلال يومي 12 و13 ماي 2015، على دراسة ومناقشة جدول أعمال هذه الدورة، كما استعرضت حصيلة العمل المغاربي في مجال التربية وتباحثت حول السبل الكفيلة بإعطاء دينامية جديدة للتعاون المغاربي يمكن من خلالها تفعيل التوصيات التي خلصت إليها الدورات السابقة وترجمتها على أرض الواقع.
وأسفرت هذه الاجتماعات على نتائج وتوصيات هامة في عدة ميادين نذكر منها على وجه الخصوص في مجال التربية، وضمن محور التقريب بين مناهج التعليم الأساسي في دول الاتحاد، أوصى المجلس باعتماد مبادئ التنمية البشرية ضمن المناهج الدراسية والتركيز على الموضوعات التي تحقق قيم التسامح والتعاون والتعايش مع الآخر المختلف، وأكد على ضرورة الإسراع بعقد اجتماعات اللجان الفنية المكلفة بالتقريب بين مناهج التعليم الأساسي في مجالات: التربية الجمالية والتربية البدنية، واللغة العربية والتربية الإسلامية، والعلوم والرياضيات، حتى تتمكن من إنجاز المهام الموكولة إليها، فيما تم اعتماد التوصيات الصادرة عن اجتماع اللجنة الفنية المكلفة بالتقريب بين مناهج التعليم الأساسي في مجال تدريس المواد الاجتماعية، وفي مجال اللغات الأجنبية.
أما في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وعلى وجه الخصوص في محور ملاءمة مخرجات التعليم مع سوق الشغل، فقد أوصى المجلس الدول الأعضاء بموافاة الأمانة العامة بتقارير عن تجاربها الخاصة المتعلقة بملاءمة التكوينات الجامعية مع متطلبات سوق الشغل الحالية والمستقبلية في الفضاء المغاربي.
وقرر المجلس، على مستوى برنامج العمل المستقبلي، استحداث فريق عمل مغاربي فني لدراسة إمكانية إنشاء مركز مغاربي للدراسات التربوية يهتم بمجالات قيم المواطنة والتسامح وتعليم الريادة والجودة.
فيما أكد، ضمن مجال البحث العلمي، على أهمية التعجيل بتشبيك مؤسسات البحث العلمي المتخصصة في الطاقات المتجددة في بلدان المغرب العربي، وكذا التنسيق بين الهيئات والإدارات المكلفة بالبحث العلمي بالشكل الذي يضمن تقوية القدرات التفاوضية الجماعية والاستفادة مما تتيحه الفضاءات الإقليمية والدولية في مجال البحث العلمي.
واختتمت أشغال المجلس الوزاري بالتوقيع على محضر الدورة من طرف السادة الوزراء وبتلاوة برقية تقدير وامتنان مرفوعة إلى جلالة الملك وكذا إلى قادة دول اتحاد المغرب العربي ثمن فيها المجلس جهودهم الدؤوبة في مواصلة بناء صرح الاتحاد وحيى اهتمامهم المتواصل بالعمل المغاربي المشترك في مجال التنمية البشرية عموما والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي على وجه الخصوص.
وتجدر الإشارة إلى أن مباحثات ثنائية بين السيد رشيد بن المختار والسيد سيدي ولد سالم، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الموريتاني، جرت على هامش الجلسة الختامية لأشغال الدورة وهمت سبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي خاصة ما تعلق منها بتكوين أساتذة الأقسام التحضيرية للمدارس العليا.
مواضيع ومقالات مشابهة