الحياة مرتبطة بخيط رفيع ، ولا تظنِّي أن الحوادث لا تصيب الآخرين ، وتعلَّمي بعضاً من اللَّمسات التي تنقذ الحياة .
فهناك ثلاثة أعضاء في الجسم مهمة جداً للحياة ، وهي :
1 - الرئتان اللتان تغذِّيَان الدم بمادة الأوكسجين .
2 - القلب الذي يبعث الدم النقي نحو الجسم كله .
3 - الدماغ الذي يعاني سريعاً من النقص في الأوكسجين .
الغيبوبة :
أهم أسباب الغيبوبة التي تصيب الأطفال دون أن تكون ناتجة عن حادث واضح
هو ارتفاع درجة حرارة الجسم ، وعند ارتفاع درجة الحرارة يتأثر الدماغ ،
وينتج عن ذلك رجفة عنيفة تُصيب الأطراف والجفون ، ويتوقَّف الطفل عن
التنفُّس ، ويتبوَّل في ثيابه ، وقد يعضُّ لسانه .
وتدوم هذه العوارض ثوان عديدة يفقد بعدها الوعي ويصبح كالخرقة الطريَّة
شاحباً بلا حركة ، فعليك بنقله إلى المستشفى حيث يتمُّ تنشيط عمل أجهزته
باستعمال مادة الغاردينال ، وتتمُّ المعالجة على مدى طويل .
فارتفاع الحرارة ليس السبب الوحيد الذي يؤدِّي إلى حدوث حالات الغيبوبة
، وعند الرُضَّع قد يوجد خلل في تركيب الدماغ يسبِّب نوبات مماثلة ، كذلك
أن مرضاً معدياً عوارضه بسيطة قد يؤدي إلى نوبات مماثلة ، مع صعوبة الربط
بين هذه النوبات والمرض ذاته ، والفحوصات الطبية الدقيقة وحدها تكشف
الأسباب الحقيقية لنوبات الغيبوبة .
الاختناق وإجراء التنفس الاصطناعي :
يتوقَّف الطفل عن التنفس ويزرقُّ لونه ، وهذا يعني أن الأوكسجين لم يعد
يصل إلى الرئتين ، فهذه الحالة خطيرة جداً وكل ثانية يحسب لها حساب .
فمدِّدي الطفل على الأرض وافتحي فمه بيديك ، ضعي وسادة تحت رقبته ،
وانفخي بقوة في فمه بصورة منتظمة ، ولا تنسي إقفال أنفه ، وتأكدي من نجاح
هذه العملية إذا لاحظت أن صدره ينتفخ ويهبط بانتظام .
فمن المهم المحافظة على الانضباط والهدوء والسيطرة على الأعصاب ،
والتنفس الاصطناعي يساعد المصاب إلى أن يأتي الإنقاذ ، ولا تعتقدي بأنه كاف
بحدِّ ذاته لعلاج الاختناق .
الجروح والكدمات والرضوض والكسور :
تعلَّم طفلك المشي وبات يقع أرضاً مرات عديدة يومياً ، وحياته الآن سوف تحفل بالتجارب من ناحية الجروح والكدمات .
فالسقطات البسيطة ليست بذات أهمية إذا أبعدنا الطفل عن السلالم
والشرفات ، فإذا سقط الطفل على مؤخرته تبقى العواقب سليمة ، أما بالنسبة
للأطراف ، فهو وارد دائماً ، ويجب عدم إهماله .
فانتبهي جيداً إلى يد أو قدم لا يستعملها طفلك ، ويتألم عندما تلمسينها
، أو تصاب بورم في هذه الحالات يطلب الطبيب صورة أشعة فورية ، وإذا أظهرت
كسراً في العظام يجب حمايتها بالجفصين ( الجبس ) حتى الشفاء ، وفي جميع
الأحوال توجَّهي إلى الطبيب الأخصائي ، ولا تصدِّقي الجارات والقريبات
اللَّواتي ينصحنك بالتوجه إلى المجبِّر .
فإذا سقط الولد على رأسه يتورَّم مكان الإصابة وأحيانا يصاب بنزيف في
أنفه ، ويشعر الطفل بالخوف ، ويشحب لونه وينام بعد وقت قصير ، وهذه العوارض
طبيعية ولا تدعو إلى القلق بحدِّ ذاتها ، لكنها تدعوك إلى الانتباه خصوصاً
خلال الساعات القليلة التي تلي الوقعة .
فحالات الاستفراغ القوي والتصرفات غير الطبيعية كنظرة الفارغة ،
والصعوبة في الكلام ، كلُّها دلائل على أن الإصابة قد تكون خطيرة ، لذلك لا
تترددي بطرق باب المستشفى .
احتفظي دائماً معك في المنزل ، والسيارة وخلال الرحلات السياحية
بِعُلبة إسعافات أولية ، تحتوي على مطهِّرات مختلفة ، كماء الأوكسجين
والسبيرتو الأبيض ، والدواء الأحمر ، وصبغة اليود والشاش المطهِّر ،
والمراهم المضادة للالتهاب ، لأن السقطات المتوقعة لا تؤدي فقط إلى الإصابة
بالكسور ، بل قد تسبب أيضا الخدوش والجروح .
بادري سيدتي إلى تطهير الجرح مهما كان نوعه ومهما كان بسيطاً ، واربطيه
جيداً ، وراجعي طبيباً ، وفيما لو لاحظتِ أنَّ الجرح قد التهب لابدَّ من
تلقيحه ضد الكزاز .
فانتبهي جيداً إلى أنَّ لقاح الكزاز لا يزال ساري المفعول ، وأعيدي
تلقيحه عند أدنى شك في استمرار فعالية اللقاح ، إذ أنَّ أبسط حادث قد يسبب
الموت .
(1)
(2)
التسمُّم :
مأساة كبيرة أن نرى الأطفال الصحيحين يموتون خلال ساعات معدودة نتيجة حادث بسيط .
والمواد السامة المميتة موجودة في كل مكان ، وتكثر في المنازل ،
والأدوية ملقاة في صالة الجلوس وغرفة الطعام ، وعلى المناضد والكراسي ،
والمطبخ يعج بالمساحيق المنظفة السامة .
والصيدلية الموجودة في صالة الحمام مليئة بالعقاقير ، وأدوية قتل
الحشرات في متناول كل يدٍ ، وكل هذه السُموم تَلفُّها أغلفة ملوَّنة مزخرفة
، وهذه الألوان والزخرفات تجتذب اهتمام الأطفال ، الذين يخلطون بين
حَبَّات الأدوية والملبَّس .
ونُلفت الانتباه إلى أن الأطفال لا يتمتعون بحاسة الذوق المدربة
والمتطورة ، وربما أحبُّوا النفتالين ، كما أن مساحيق التنظيف معطرة بعطر
الليمون المرسوم بوضوح على العلبة الخارجية ، وشركات كثيرة تقدِّم ألعابا
مع هذه العلب لتُغري الزبائن .
ومن المغريات أيضا الدعايات التلفزيونية التي تظهر كل هذه المستحضرات ،
وتعطيها أفضل الصفات ، مثل : الأجود والأفضل والجديد والمنعش و.... إلخ .
فمعظم حوادث التسمم تحصل خلال وجودِكِ في البيت ، مثلا علبة المهدِّئات
التي تتركينها على الطاولة بعد أن تناولتي منها حبة واحدة ، سوف تصبح
فارغة بعد أن تديري ظهرك .
ونتائج بعض الإحصاءات حول هذا الموضوع تبدو مدهشة ، فقد تبين أن معظم
حوادث التسمم تقع عند العائلات المترفة ، وأن الأولاد الذين يصابون بالتسمم
هم الأكثر تمتعاً بالراحة والاستقرار .
ولتجنب التسمُّم قدر المستطاع يجب الانتباه إلى ما يلي :
1 - إخفاء العقاقير السامة على اختلاف أنواعها في خزائن مقفلة .
2 - رمي الأدوية بعد انتهاء العلاج أو تقديمها إلى أحد المستوصفات .
3 - عدم إعطاء أي دواء لطفلك دون استشارة الطبيب ، وانتبهي إلى مدة العلاج وطريقة الاستعمال .
4 - لا تضعي سوائل - مهما كان نوعها - في زجاجات ماء الشرب أو العصير ، فكم من حوادث التسمم حصلت لمثل هذه الأسباب .
العلاج :
فور اكتشاف حادث التسمم يجب المحافظة على هدوء الأعصاب والابتعاد عن
الانفعال والتأنيب اللذين لن يفيدا سوى زيادة الأمور سوءاً ، وابحثي فوراً
عن سَبب التسمم والكمية التي تناولها الطفل .
فهذه المعلومات مفيدة جداً للمساعدة على العلاج ، واتصلي على الفور
بالطبيب أو بالمستشفى ، وبلِّغيه تفاصيل الحادث ، واسألي عما يجب أن تفعلي .
فتجنَّبي الوصفات الشائعة التي تؤذي في كثير من الأحيان ، فكوب من
الحليب مثلاً يعطى لطفل تناول مادة البنزين أو أحد مشتقاتها ، يسهل وصول
هذه المادة إلى الدم ، ولا تدعي الطفل الذي تناول أحد العقاقير السائلة
يستفرغ ، لأن ذلك يجعله يستنشق المادة السامة .
أما إذا ابتلع طفلك حبوباً فهذه الحبوب لا تزال في معدته ، ويمكنك
إجباره على الاستفراغ بسرعة بوضع إصبعك في فمه ، وفي حالة فقدان الوعي يعني
ذلك علامة الاختناق ، فاتَّصلي فوراً بأحد المراكز الطبية المختصة .
صيدلية العائلة :
احتفظي دائماً بالأدوية والمستحضرات الطبية في منزلك ، فقد تحتاجينها ليلاً ، لكن انتبهي إلى العقاقير المضرَّة .
المستلزمات الأساسية هي : القطن ، والشَّاش المعقم ، والرباط اللاصق
الطبي ، ومطهِّرات الأوكسجين ، والسبيرتو ، والدواء الأحمر ، وصبغة اليود ،
ومقص مطهر .
ومن المهم جداً أن تكون هذه المستحضرات في مكان بعيد عن الشمس والغبار ، ويجب التأكد من عدم إمكان تلوّثها ، أو كونها ملوثة سابقاً .
كما يجب التأكد من أن صيدلية المنزل توجد في مكان مرتفع ، بعيداً عن
متناول الأطفال ، ومن الأفضل أن تكون هذه الصيدلية مقفلة ، مع ترك المفتاح
على ظهر العلبة ، لكي لا يطول البحث عنه في حالة الاضطرار إلى إسعاف أحد
أفراد العائلة .
المقص أو الأدوات المعدنية التي تستعمل في الصيدلية ، يجب أن تكون غير
تلك المستعملة لأغراض غير طبية ، كقَصِّ الأظافر ، أو الخياطة أو غيرها ،
كما يجب مسح هذه الأدوات بالقطن والكحول قبل استعمالها ، وتنظيفها بالطريقة
نفسها بعد الاستعمال .
كذلك لابدَّ من غسل الأيدي بالصابون ثم تطهيرها قبل المباشرة بتضميد أي جرح .
الأدوية :
ويجب الاحتفاظ بالأدوية الضرورية التي يمكن أن تستعمل باستمرار ،
كمخفِّضات الحرارة ، والتحاميل ، ونقاط للأطفال ، ومطهِّرات الأنف ،
ومسكِّنات الألم الخفيفة الخاصة بالأطفال ، ونوصي بالابتعاد قدر الإمكان عن
الأسبيرين ، وبصورة خاصة إذا كان استعمال هذا الأخير لمدة طويلة .
وقد ثبت إثر حادثة وقعت في فرنسا أنّ أُمّاً استعملت الأسبيرين ظنا
منها أنه يساعد على تهدئة طفلها المشاغب ، فأدّى ذلك إلى تحلل في دمه .
إضافة إلى ما سبق أن الأدوية المضادة للسعال لا تعطى للأطفال عادة قبل
سِنِّ الثالثة ، ويجب ألا تحوي مادة الكودائين ، كما يجب عدم إعطاء أي دواء
إلا بعد استشارة الطبيب ، وعدم قبول النصائح التي يتبرع بها الأقرباء
والأصدقاء .
إعطاء المضادات الحيوية من دون استشارة الطبيب يعرِّض الطفل إلى خطر
كبير ، وإلى اختلالات غير محمودة العواقب ، ويمنع منعاً باتّاً في الدول
المتقدمة بيع أي نوع من أنواع المضادات الحيوية دون وصفة طبية ، فالتأكد من
تأريخ انتهاء صلاحية الأدوية لأمر مهم جداً ، فيجب تفقد محتويات الصيدلية
مرَّةً كل شهر ، والاستغناء نهائياً عن جميع الأدوية التي انتهت صلاحيتها .
فمثل هذه الأدوية لابُدَّ من إتلافها بيدك للتأكد من أن أحداً لن يستعملها فتؤذيه ، كما يجب عدم تعريض جميع الأدوية السائلة للشمس .
ليست هناك تعليقات